roza
عدد المساهمات : 35 نقاط : 5279 تاريخ التسجيل : 15/09/2010
| موضوع: بورتريهات الفيوم والأيقونات القبطية الأربعاء سبتمبر 15, 2010 9:03 pm | |
| تذخر الكنائس والأديرة القبطية بالأيقونات كما تفخر جميع متاحف العالم باقتناء عدد كبير من بورتريهات الفيوم والأيقونات القبطية. وترجع شهرة وأهمية بورتريهات الفيوم إلي أنها فن نشأ وازدهر في واحة الفيوم في الفترة ما بين القرن الأول وحتي بداية القرن الخامس الميلادي. قال يسري يونان تاوضروس مدير عام الترميم بالمجلس الأعلي للآثار: تم اكتشاف أكثر من 1000 بورتريه في منطقة الفيوم بمصر وعثر علي بعض من هذه البورتريهات في مناطق أخري خارج الفيوم تمتد من سقارة إلي أسوان, حيث رسمت بأسلوب فني فريد وغريب عن فنون التصوير المصري القديم نتيجة لانفتاح مصر علي العالم الخارجي واتسمت هذه الوجوه بالواقعية والطبيعية للشخصية فقد رسمت الوجوه كاملة أو بثلاث أرباع في وقت كانت ترسم الوجوه من جانب واحد فقط طبقا للقواعد والأسس التي كانت متبعة في الحضارة المصرية القديمة. وهي تعتبر خلاصة اختلاط وامتزاج بين ثلاث من أعظم الحضارات في العالم القديم وهي الحضارات المصرية واليونانية والرومانية, فقد جمعت بين فنون وأساليب التصوير المصرية القديمة مع أساليب وعراقة التصوير اليوناني في لقاء مع فن البورتريه في الحضارة الرومانية, بالإضافة إلي ترابطه مع فنون التحنيط المصري. كما تعتبر بورتريهات الفيوم المرحلة المبكرة لفن الأيقونات القبطية, فمع انتشار المسيحية خلال القرنين الثالث والرابع الميلادي في مصر والاختفاء التدريجي لعادة التحنيط استمر رسم الوجوه البورتريهات في باكورة العصر القبطي بجانب رسم الصور الدينية الأيقونات بنفس الأسلوب والتكنيك. وكانت بينهما سمات وخصائص مشتركة لذا اعتبرت شيئا واحدا وظلا معا حتي اختفت تماما صور الوجوه المرتبطة بالمومياوات واقتصرت علي الأيقونات القبطية التي تمثل مواضيع دينية مستمدة من الإنجيل أو تصوير للسيد المسيح أو القديسين. وسميت بورتريهات الفيوم بأوجه الموتي نظرا لاكتشافها في المقابر وأن أول ما عرف من هذه الصور عثر عليه في جبانات علي مومياوات داخل توابيت تتبع سكنية في منطقة الفيوم داخل لفائف المومياوات علي منطقة الوجه وكانت هذه الصور تخص سيدات وأطفال ورجال وكانت ترسم علي سدائب خشبية أو علي لوحات صغيرة توضع داخل التوابيت عند منطقة الرأس فوق الوجه داخل اللفائف الكتانية وأطلقوا عليها بورتريهات المومياوات, فمع بداية القرن الأول الميلادي قام الفنانون المصريون لليونانيين برسم هذه البورتريهات لوجوه الموتي وذلك علي الرغم من عدم اعتناقهم فكرة الأبدية والحياة الأخري. وترجع كلمة أيقونة إلي كلمة يونانية معناها صورة أو بورتريه وكان يقصد بها رسم الوجوه ثم صارت في العصر القبطي قاصرة علي الصور الدينية واشتقت منها الإنجليزية كلمة الأيقونة Icon وقد تغير مفهوم الأيقونة بصفة عامة لتؤكد فكرة مهمة وهي استمرار الحياة الكنسية فوق حدود الزمن وأصبح لها طابع روحي ومفهوم طقسي خاص بها رسمت بها الوجوه ففي تقاليد الكنيسة تستمد الأيقونة أصولها الموضوعية والعقيدية من مصادر رئيسية ثلاثة هي الكتاب المقدس والتقليد الكنسي وحياة الآباء القديسين, لذلك كان لكل أيقونة قبطية مصادر وأصول ثابتة لا يمكن أن تحيد عنه حيث تعبر الأيقونة عن تلك الأصول تعبيرا فنيا لاهوتيا وروحيا. أخذت الأيقونات أشكالا عديدة ومختلفة فمنها الأيقونات المستعرضة والمستطيلة ومنها ما له غطاء متحرك لحمايتها عند نقلها من مكان لآخر, كما ابتكرت الأيقونات الثنائية تستخدم أيضا للكتابة عليها وترجع إلي القرنين الخامس والسادس الميلاديين, كذلك الأيقونات الثلاثية وهي عبارة عن أيقونات عادية لها جزءان جانبيان مثبتان بالأيقونة بواسطة محاور متحركة مفصلات وتوجد أمثلة عديدة لها بالمتحف القبطي وبكنيسة القديسة بربارة بمصر القديمة, كما عملت أيقونات رباعية تتكون من أربعة أجزاء تتحرك علي محاور, أما الجزء الرابع فثابت, واستمر فن رسم الأيقونات قائما بذاته حتي مع دخول الإسلام في مصر ثم انسجم وامتزج وترابط بالفن الإسلامي وظهرت الزخارف الإسلامية والكتابات العربية بجانب الكتابات القبطية كذلك ظهرت بعض الأيقونات مؤرخة بالسنة الهجرية ثم ظهرت الأيقونات المرسومة علي الورق. وكان لبورتريهات الفيوم والأيقونات بعض الخصائص والسمات المشتركة ومن أهمها: أسلوب الرسم بطريقة الأنكوستك وهي الرسم بالشمع المصهور وهو من أشهر الأساليب التي استخدمت في رسم البورتريهات واستمر في رسم الأيقونات بهذا الأسلوب حتي حوالي القرن التاسع وهو نوع من التصوير يتم عن طريق مزج ألوان من الأكاسيد والمواد المعدنية والأحجار الطبيعية بالشمع المنصهر خاصة شمع النحل. كذلك أسلوب الرسم بطريقة التمبرا وهو مستمد من الفن المصري القديم, حيث عرفت في مصر القديمة في تصوير معظم الصور المصرية التي وجدت علي جدران المعابد والتوابيت والأقنعة وعلي الأخشاب وأوراق البردي والجلود والأقمشة وألوان التمبرا هي أكاسيد من مساحيق أحجار طبيعية أو مواد معدنية حضرت صناعيا مصحونة وغير شفافة تحضر بخلطها بواسيط مائي لاصق مثل الصمغ العربي أو المواد الغروية الحيوانية مثل غراء الأرنب وغراء الأسماك والغراء العادي. وعن الألوان المستخدمة في هذا الأسلوب قال يسري يونان: اللون الأسود وهو عبارة عن كربون خالص أو فحم خشب مسحوق وقد استخدم في الأيقونة كرمز للعدل, واللون البني وهو يخلط من اللون الأحمر والأسود وقد استخدم في الأيقونة كرمز للجسد والأرض, واللون الأخضر استخلص من مادتين أحدهما الملاخيت وهو من خام النحاس الطبيعي كربونات النحاس القاعدية وهو دليل علي الخصب والنماء, واللون الأحمر واستخدم في الأيقونة كرمز للخلاص والمجد وأحيانا برمز للشيطان, أما اللون الأبيض (مسحوق الحجر الجيري) واستخدم في الأيقونة كرمز للنقاء والطهر والبراءة, واللون الأصفر وهو يرمز في الأيقونة للنور الإلهي. أما التذهيب فهو من أهم المميزات الفنية سواء في الأيقونات أو البورتريهات فكثير من بورتريهات الفيوم لها خلفية مذهبة وفي بعض اللوحات يكون جزءا من الخلفية مغطي بأوراق تذهيب وقد كانت اللوحة المرسومة علي خلفية ذهبية منتشرة بكثرة في اليونان منذ نهاية العصر الهيليني ثم ورثتها التقاليد البيزنطية واستمرت في الأيقونات القبطية بكثرة خاصة كخلفيات تحيط بالأشخاص وقد استخدم التذهيب كرمز للقداسة والطهارة والبراءة وحيث إن الفراغ المحيط بالقديسين يمثل ملء الأبدية. وتتكون معظم وجوه الفيوم من ألوان أربعة أساسية الأبيض والأصفر والأحمر والأسود وكانت هذه هي ألوان الشعر والوجه نفسه, أما الألوان الإضافية مثل الأزرق والأخضر والأرجوان فاستخدمت في تلوين الملابس والمجوهرات والتيجان وفي النهاية تأتي بطبيعة الحال اللمسات الأخيرة من الأوراق المذهبة. | |
|