الإصحاح الثالث عشر
أية 1:
" 1 فصعد ابرام من مصر هو وامراته وكل ما كان له ولوط معه الى الجنوب "
إلي الجنوب: أي جنوب أرض فلسطين. وصعود إبراهيم من أرض مصر يشير لقيام كل خاطئ من سقطته وعدم إستسلامه (مي 8:7). ودائما نعود محملين بالبركات.
الأيات 2-5:
" 2 وكان ابرام غنيا جدا في المواشي والفضة والذهب 3 وسار في رحلاته من الجنوب الى بيت ايل الى المكان الذي كانت خيمته فيه في البداءة بين بيت ايل وعاي 4 الى مكان المذبح الذي عمله هناك اولا ودعا هناك ابرام باسم الرب 5 ولوط السائر مع ابرام كان له ايضا غنم وبقر وخيام "
إلي بيت أيل: الله أعاده إلي المكان الذي كان فيه في البداية والله لا يستريح إلا بهذا وعودته لبيت أيل
1. تعيد له الذكريات الأولي الحلوة مع الله وهذا مفيد جداً.
2. ربما عودته لبيت أيل كانت لتقديم الشكر لله علي عودته هو وسارة سالمين.
3. هو عاد إلي مذبحه القديم.
غنياً جداً: هو خرج من التجربة منتفعاً وغنياً جداً وهكذا أولاد الله لا يتوقفوا في نموهم المستمر والدخول إلي الغني الروحي حتي لو تعرضوا لضعفات أو سقطات. وكون إبراهيم كان غنياً جداً هذا يعطي رجاء للأغنياء. فالأغنياء لا تكون السماء مغلقة أمامهم إذا لم يتكلوا علي أموالهم وإذا لم تكون أموالهم قد سببت لهم كبرياء. أو أن حب أموالهم دخل إلي قلوبهم وأربك فكرهم. الفارق بين إبرام ولوط هنا أن أبرام كان له ذهباً وفضة= والذهب يشير للسماويات أو الحياة السماوية والفضة تشير إلي كلمة الله. فكأن إبرام كان يحيا حياة سماوية متمتعاً بكلمة الله أو الوصية كسر غني داخلي. فغناه الحقيقي كان داخله وليس خارجه. أما لوط فيمثل الإنسان المتدين الذي له معرفة نظرية بالله ويصاحب من هم في الكنيسة ولكن قلبه مع العالم( غنم وبقر وخيام). وما يكشف كلاهما (قلب إبراهيم وقلب لوط) هو التجارب (النار هي التي تمتحن القش أو الذهب). وهذا ما سنراه بعد ذلك.
الأيات 6-13:
" 6 ولم تحتملهما الارض ان يسكنا معا اذ كانت املاكهما كثيرة فلم يقدرا ان يسكنا معا 7 فحدثت مخاصمة بين رعاة مواشي ابرام ورعاة مواشي لوط وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الارض 8 فقال ابرام للوط لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لاننا نحن اخوان 9 اليست كل الارض امامك اعتزل عني ان ذهبت شمالا فانا يمينا وان يمينا فانا شمالا 10 فرفع لوط عينيه وراى كل دائرة الاردن ان جميعها سقي قبلما اخرب الرب سدوم وعمورة كجنة الرب كارض مصر حينما تجيء الى صوغر 11 فاختار لوط لنفسه كل دائرة الاردن وارتحل لوط شرقا فاعتزل الواحد عن الاخر 12 ابرام سكن في ارض كنعان ولوط سكن في مدن الدائرة ونقل خيامه الى سدوم 13 وكان اهل سدوم اشرارا وخطاة لدى الرب جدا "
كانت التجربة التي كشفت قلبيهما هي المشاجرة بين الرعاة فماذا اختار الأثنين:-
لوط أختار ما يرفع ذاته ويلذذه ولم يهتم بأن يكون جيرانه من الأشرار: فكان أهل سدوم أشراراً وخطاة لدي الرب جداً. أما إبراهيم الذي تجرد من كل شئ فقد ترك لوط يختار لنفسه معتمداً علي الله الذي يختار له، فكان نصيبه سلام قلبي داخلي بل هو إمتلك في نسله كل الأرض. (مت 40:5). لوط سار مع إبراهيم في رحلة الخروج من أور لكن بقلب مغلق حمل في داخله محبة العالم لكن في خارجه كان يبدو رفيقاً لرجل الأيمان. ودعوة إبرام للوط أن يعتزلا كانت من أجل السلام بينهما فيبدو أن لوط لم ينهر رجاله بل ناصرهم وأيدهم وعند الإختيار كان المفروض أن لوط يترك لإبرام الأكبر والأقوي إيماناً أن يختار لكن إذ بأدب وتواضع وإنكار ذات طلب منه إبرام أن يختار. لم يرد ان يخسر الفرصة فإختار أحسن الأرض. فهذه التجربة كشفت عن قلب إبرام المتغرب عن العالم وقلب لوط المادي. ولقد احترقت كل سدوم وعمورة وذهبت إمراة لوط وفسدت ابنتيه. هذا هو مصير محبة العالم ولكن لا يمكن لنا أن ننكر أنه كانت هناك جوانب طيبة في لوط ( 2بط 6:2-
ولقد أثبتت الأثار فعلاً خصوبة أرض سدوم أيام إبراهيم وعجيب أن يكون سكانها بهذا الشر فحين يتنعم الأنسان جداً ينجذب للشر جداً، لذلك تكثر كنيستنا من أصوامها.
وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الأرض= بنفس المفهوم السابق. والسؤال هل كان يليق هذا الخلاف بين الأخوة أمام هؤلاء. والسؤال موجه لكل منا. هل يصح أن نتخاصم مع أخوتنا ويشمت فينا الشياطين. لأننا نحن أخوان: إبرام عينه كانت علي الله أما لوط فإنغلق علي أنانيته. حينما تجيء إلي صوغر: جاءت في بعض الترجمات صوعن وهي في مصر علي ضفاف النيل فإن كانت هكذا يكون المعني أن الأرض جيدة كأرض مصر. وإذا كانت صوغر فهي بلدة تبعد عن سدوم عدة كيلومترات ذهب لوط لها قبل الحريق ويكون المعني أنه امتلك في الأرض ما بين سدوم وصوغر.
الأيان 17-14:
" 14 وقال الرب لابرام بعد اعتزال لوط عنه ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي انت فيه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا 15 لان جميع الارض التي انت ترى لك اعطيها ولنسلك الى الابد 16 واجعل نسلك كتراب الارض حتى اذا استطاع احد ان يعد تراب الارض فنسلك ايضا يعد 17 قم امش في الارض طولها وعرضها لاني لك اعطيها "
نجد هنا بركة الله لإبرام الذي تنازل عن حقه في الإختيار فأعطاه الله الأرض كلها هو ترك قسم فأخذ الكل. ومن اختار لنفسه وسط الأشرار خسر كل شئ. التجارب تزيد المؤمنين قوة وبركة وتكشف أعمال المرائين وتفضحها. وقد يكون النظر للإتجاهات الأربعة إشارة للصليب الذي به سيملك المسيح الخارج من نسل إبرام علي كل الشعوب وقوله قم إمش: يشير للقيامة المسيح، ولشعبه الذي يعمل ولا يتراخ بل يمشي دائماً في اتجاه السماء.
أجعل نسلك كتراب الأرض: قال له الله هذا في النهار أما وهو يكلمه في المساء فيقول كنجوم السماء (5:15).
أية 18:
" 18 فنقل ابرام خيامه واتى واقام عند بلوطات ممرا التي في حبرون بنى هناك مذبحا للرب"
بلوطات ممرا: ممرا كان رجلا أموريا كان إبرام ضيفاً عنده ثم إتحد معه بعد ذلك.
بني مذبحاً للرب: كأنه يقول للرب أنت نصيبي وإن تركني أقربائي "معك لا أريد شيئاً علي الأرض" فهو في الله يمتلك كل شئ. وعند بلوطات ممرا تقابل مع الله وإستضافه مع الملاكين. وعاش في شركة مع الله. حياته كانت رحيل مستمر نحو شركة أعمق مع الله. وأما لوط فكان رحيله إلي سدوم حيث الهلاك وخسارة كل شئ.